قراءة في كتاب جدد حياتك -12

Tuesday, October 25, 2011


فالرجل العظيم حقا كلما حلق فى آفاق الكمال اتسع صدره ٬ أو امتد حلمه ٬ وعذر الناس من أنفسهم ٬ والتمس المبررات لأغلاطهم.
فإذا عدا عليه غر يريد تجريحه ٬ نظر إليه من قمته كما ينظر الفيلسوف إلى صبيان يعبثون فى الطريق وقد يرمونه بالأحجار.
وقد رأينا الغضب يشتط بأصحابه إلى حد الجنون عندما تقتحم عليهم نفوسهم. ويرون أنهم حقروا تحقيرا لا يعالجه إلا سفك الدم.
أفلو كان الشخص يعيش وراء أسوار عالية من فضائله يحس بوخز الألم على هذا النحو الشديد؟ كلا. إن الإهانات تسقط على قاذفها قبل أن تصل إلى مرماها البعيد.
وهذا المعنى يفسر لنا حلم ` هود ` وهو يستمع إلى إجابة قومه بعد ما دعاهم إلى توحيد ا لله قالوا: “إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين”.
إن شتائم هؤلاء الجهال لم يطش لها حلم ` هود ` لأن الشقة بعيدة بين رجل اصطفاه الله رسولا ٬ فهو فى الذؤابة من الخير والبر ٬ وبين قوم سفهوا أنفسهم. وتهاووا على عبادة الأحجار يحسبونها لغبائهم تضر وتنفع!! كيف يضيق المعلم الكبير بهرف هذه القطعان

نماذج من الرجولات التى لا تهزها إساءة ٬ ولا تستفزها جهالة ٬ لأن لغو السفهاء يتلاشى فى رحابتها كما تتلاشى الأحجار فى أغوار البحر المحيط .
ما يضير البحر أمسى زاخرا إن رمى فيه غلام بحجر؟!
يروى أن رجلا سب الأحنف بن قيس وهو يماشيه فى الطريق فلما قرب من المنزل وقف الأحنف وقال: يا هذا ٬ إن كان بقى معك شىء فقله ههنا ٬ فإنى أخاف إن سمعك فتيان الحى أن يؤذوك
.
وقال رجل لأبى ذر: أنت الذى نفاك معاوية من الشام؟. لو كان فيك خير ما نفاك!! فقال: يا ابن أخى ٬ إن ورائى عقبة كؤودا ٬ إن نجوت منها لم يضرنى ما قلت ٬ وإن لم أنج منها فأنا شر مما قلت!!
.
وقال رجل لأبى بكر: والله لأسبنك سبا يدخل القبر معك!! قال: معك يدخل لا معى!!

وقال رجل لعمرو بن العاص: والله لأتفرغن لك. قال: هناك وقعت فى الشغل!! قال: كأنك تهددنى؟ والله لئن قلت لى كلمة لأقولن لك عشرا!! قال عمرو: وأنت والله لئن قلت لى عشرا لم أقل لك واحدة
.
وشتم رجل الشعبى فقال له: إن كنت صادقا فغفر الله لى ٬ وان كنت كاذبا فغفر الله لك
.
وشتم رجل أبا ذر الغفارى فقال له أبو ذر: يا هذا لا تغرق فى شتمنا ٬ ودع للصلح موضعا ٬ فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه.
ومر المسيح بقوم من اليهود فقالوا له شرا. فقال لهم خيرا ٬ فقيل له: إنهم يقولون شرا وتقول لهم خيرا؟! فقال: كل واحد ينفق مما عنده.

وقيل لقيس بن عاصم: ما الحلم؟ قال: أن تصل من قطعك ٬ وتعطى من حرقك ٬ وتعفو عمن ظلمك..

0 تعليقاتكم:

Post a Comment