قراءة في كتاب جدد حياتك -11

Tuesday, October 25, 2011


سعادة الإنسان أو شقاوته أو قلقه أو سكينته تنبع من نفسه وحدها. إنه هو الذى يعطى الحياة لونها البهيج ٬ أو المقبض ٬ كما يتلون السائل بلون الإناء الذى يحتويه: ` فمن رضى فله الرضا ٬ ومن سخط فله السخط ` .
عاد النبى صلى الله عليه وسلم أعرابيا مريضا يتلوى من شدة الحمى ٬ فقال له مواسيا ومشجعا: `طهور` ٬ فقال الأعرابى:( بل هى حمى تفور ٬ على شيخ كبير ٬ لتورده القبور. قال: ` فهى إذن )` .

يعنى أن الأمر يخضع للاعتبار الشخصى ٬ فإن شئت جعلتها تطهيرا ورضيت ٬ وإن شئت جعلتها هلاكا وسخطت. إن العمل الواحد بما يصاحبه من حال نفسى يتغير تقديره تغيرا كبيرا.
وانظر إلى هاتين الآيتين وما تبرزانه من صفات الناس: “وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [98] وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [99]“ .
هؤلاء وأولئك يدفعون المال المطلوب. هؤلاء يتخذونه غرامة مؤذية مكروهة ٬ ويتمنون العنت لقابضيه. وأولئك يتخذونه زكاة محبوبة تطيب النفس بأدائها ٬ وتطلب الدعاء الصالح بعد إيتائها. وشئون الحياة كلها لا تعدو هذا النطاق قيمة العمل ٬ بل قيمة صاحب العمل ترتبط ارتباطا وثيقا بحقيقة الأفكار التى تدور فى الذهن ٬ والمشاعر التى تعتمل فى النفس ٬ قال ` ديل كارنيجى ` : “إن أفكارنا هى التى تصنعنا ٬ واتجاهنا الذهنى هو العامل الأول في تقرير مصايرنا ٬ ولذلك يتساءل `إيمسون نبئنى ما يدور فى ذهن الرجل أنبئك أى رجل هو.
نعم ٬ فكيف يكون الرجل شيئا آخر غير ما يدل عليه تفكيره؟ واعتقادى الجازم أن المشكلة التى تواجهنا هى: كيف نختار الأفكار الصائبة السديدة؟ فإذا انحلت هذه المشكلة انحلت بعدها سائر مشكلاتنا واحدة إثر أخرى قال الإمبراطور الرومانى ` ماركوس أورليوس ` : إن حياتنا من صنع أفكارنا.

فإذا نحن ساورتنا أفكار سعيدة كنا سعداء ٬ وإذا تملكتنا أفكار شقية غدونا أشقياء ٬ وإذا خامرتنا أفكار مزعجة تحولنا خائفين جبناء ٬ وإذا تغلبت علينا هواجس السقم والمرض فالأغلب أن نبيت مرضى سقماء ٬ وهكذا”.

0 تعليقاتكم:

Post a Comment