قراءة في كتاب جدد حياتك -15

Tuesday, October 25, 2011


ذكر ما فى الجماعة من رحمة موصول بما قبله ٬ فإن التقاطع يرجع غالباً إلى كنود النعم وجحد الإحسان ٬ ولا يشد أواصر الجماعات كحفظ المعروف وإكرام أهله ٬ ولا يفصم عرى الائتلاف ويعرض لعذاب الفرقة إلا غمط الحقوق وإهمال ذويها والتنكر لما أسدوه من جميل.

إلا أن الإسلام مع توكيده لواجب الشكر وتحقيره لشأن الجاحدين يطلب من أولى الخير أن يجعلوا عملهم خالصاً لوجه الله وأن يبعدوا عن مقاصدهم كل ذخل ٬ فإن غش النية يفسد العمل ويحبط الأجر ٬ والمعروف الذى يقبل ويحتزم هو الذى يبذله صاحبه بدوافع الخير المحض لا يطلب عليه ثناء بشر ولا شكره ٬ إنما يطيع به أمر الله ويطلب رضوانه ومغفرته. والإسلام بما يفرضه على العمل من إخلاص يريد أن يحرر القلوب من قيود الأغراض وأن يعلقها بالكمال المطلق ٬ فهى تفعل الخير عن بواعث نقية ٬ أى عن حب مكين له ورغبة قوية فى تحقيقه دون نظر إلى مدايح الناس أو تطلع إلى منزلة ما بينهم. وهذا السمو المنزه هو دعامة الإحسان الحق ٬ وهو المثل الأعلى لكل خلق كريم ٬

روى أن رجلا تطاول على عبد الله بن عباس ٬ فقال له: `أتشتمنى وفى ثلاث: إنى لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل فأحبه ولعلى لا أقاضى إليه أبداً!!. وأسمع بالغيث يصيب البلد من بلاد المسلمين فأفرح به وليس لى به سائبة ولا راعية!!. وآتى على الآية من كتاب الله فأؤد لو أن المسلمين كلهم يعلمون منها مثل ما أعلم `. ما هذا؟.. هذا رجل يحب شيوع الحق والخير والعلم ٬ ويفرح من أعماق قلبه لو استمتع الناس بما فيها من بركات ٬ ولو لم يمسه من ذلك حظ كبير أو صغير.

إن هذا التعلق بالكمال المطلق والإحسان المبرأ أهم ما يطلبه الإسلام منك ٬ حين تسدى إلى أحد معروفاً قدم جميلك عشقاً لصنائع المعروف وابتغاء ما لدى الله من مثوبة.

ولا تعول على حمد أحد أو تقديره ٬ كن كما وصف الله الأبرار من عباده: “ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا"

وليس المقصود أنهم يقولون ذلك بألسنتهم ٬ فذاك مستبعد لأنه قد يؤذى أصحاب الحاجات ٬ وإنما ذلك ترجمة لما فى قلوبهم من نيات صافية ٬ ومشاعر نظيفة. هل ابتغاء وجه الله عسير على الناس؟.

المؤسف أن أغلب البشر تهيجهم للعمل بواعث مشوبة ٬ ويطلبون به غايات شتى ٬ وقليل جداً أولئك الذين يتحركون بدافع نقى ٬ ويرتفعون بمقاصدهم عن مآرب هذه الأرض

0 تعليقاتكم:

Post a Comment